تتأسس الجمالية الحديثة على كسر السائد والمألوف، بالخروج عن الأنماط الرتيبة والمكرسة للنموذج والشكل الثابت، من منطلق القفز عن الأعراف الخانقة وتبني مبدأ الرفض المستمر لما هو ثابت وقار، ولا يكون ذلك إلا بتجريب أساليب فنية مستحدثة تتسع للتجربة الإبداعية بالتحليق في سماء الخيال، بالابتعاد عن المباشرة الفجة، من خلال الغموض الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تعدد المعاني والقراءات والتأويلات والمقاصد، يقول محمود درويش: "طوبى لشيء غامض، طوبى لشيء لم يصل.

نسعى من خلال مفردات مادة قضايا النص الشعري الحديث والمعاصر أن يتعرف الطالب على أهم القضايا التي طرقها الشعراء العرب في أشعارهم، حيث عبر هؤلاء عن قضايا تخص الموضوعات في حد ذاتها، من قبيل: قضية الثورة الجزائرية وكيف تمثلها الشعراء العرب في كل أنحاء الوطن العربي، والقضية الفلسطينية بأنها جرح لايزال مفتوحا ليوم الناس هذا، وقضية الالتزام والحس المأساوي و غيرها... كما يقف الطالب على بعض المظاهر الفنية التي عمد إليها الشعراء في التعبير عن تجاربهم الذاتية أو ما تعلق براهنهم وواقعهم المعيش من قبيل: توظيف الرمز والأسطورة، والنزوع إلى توظيف العوالم الصوفية، وكذا قضية الغموض والتشكيل البصري في الشعر العربي الحديث والمعاصر...

تجتهد هذه الدّروس المعدّة في مادة جماليات السرد العربي القديم والموجهة لطلبة السنة الثالثة ليسانس تخصص أدب عربي، في إماطة اللثام عن هذا التراث الضخم والثري عبر إضاءة البقع المعتمة فيه، ومحاولة البحث في خصائصه وجمالياته، وبنياته، وأهم أنماطه، والكشف عن نقاط التقاطع والتعّالق بين الأشكال السردية المختلفة والمتشعبة، مع رصد تأثير هذا التراث السردي وتتبع أثر إشعاعه على آداب الشعوب الإسلامية والغربية.

إنّ هذه المحاضرات تأتي استجابة لرغبة ملحة أنتجتها قراءات أثارت الفضول والإعجاب والإيمان في آن واحد بعبقرية السردية العربية التراثية التي تستحق الاحتفاء كتابة، بوصف هذه الأخيرة ذاكرة ممتدة ومتنافذة في الزمان والمكان. يضاف إلى ذلك الرغبة في تقديم مادة منهجية ومتدرجة للطلبة كي تكون عونا لهم ومعينا في تلقّي معلومات مؤسسة في المادة.