يعتبر الفساد من أقدم الظواهر التي عرفتها البشرية والتي تفشت في المجتمعات والدول منذ الأزل، ولم تسلم منها أي دولة أو كيان إداري أو اقتصادي أو اجتماعي، وقد عملت مختلف الدول والشعوب جاهدة لمكافحة هذه الآفة التي تعد بمثابة المرض الذي إذا تفشى في جسم ما أصاب سائر أعضائه بالسهر والحمى، وكذلك هو الفساد الذي تعبر أشرس من الأمراض بكثير فهو كالسرطان إذا ما انتقل إلى دولة ما تفشى في جميع مؤسساتها وهيئاتها بدون استثناء وهذا بالنظر لأثاره السلبية الهدامة على جميع الميادين والأصعدة السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية.

الفساد بمختلف أشكاله وصوره من أكثر المواضيع التي أخذت حيزا كبيرا سواء على مستوى الدراسات والأبحاث الأكادمية أو على مستوى الجزاءات المتخذة على مستوى الدول والمنظمات والهيئات الدولية  بهدف محاولة تشخيص هذه الظاهرة ووضع الآليات الكفيلة للحد منها خاصة وأن هذه الظاهرة كانت دائما مقرونة بمظاهر سلبية وأحيانا قد تكون مدمرة للاقتصاديات التي تتواجد بها باعتبار أن الفساد يكون في  أغلب الأحيان مقرون بانخفاض الكفاءة والفعالية وبطء النمو الإقتصادي والتضخم، ووجود الهياكل، وكل مظاهر الفساد الإداري من رشوة ومحسوبية وتبذير للموارد والإمكانات المادية والبشرية، ونهب الأملاك العام والبريوقراطية والجمود ونحو ذلك.

وسنتطرق لمحاضرات مادة قانون مكافحة الفساد وفقا لثلاثة محاور، المحور الأول يتعلق بماهية جرائم الفساد من خلال دراسة تعريف الفساد وبيان أنواعه، وأسبابه وصوره وآثاره، والمحور الثاني يتعلق بالأحكام الجزائية لجرائم الفساد من خلال درسة أنواع جرائم الفساد وأركانها والعقوبات المقررة لها، أما في المحور الثالث فيتعلق بالجهود الوطنية ولدولية لمكافحة جرائم الفساد.